حشد – في مؤتمر ” ثقافة المقاومة في مواجهة التحديات الصهيوامريكية ” الذي اقامته رابطة الكتاب الاردنيين بتاريخ 21-22/6 /2025م
قدم الرفيق محمد ” حمو ” ابو غسان ورقة في اليوم الاول تحت عنوان المقاومة في مواجهة خطط التهجير والتوطين باسم اللجنة العليا لحق العودة ، وذلك الى جانب عدد واسع من الكتاب والمناضلين الذين اسهموا في تقديم اوراق عمل هامة فيما يلي نص الورقة المقدمة :
المقاومة في مواجهة خطط التهجير والتوطين
محمد حمو– امين سر اللجنة العليا للدفاع عن حق العودة / الأردن
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الديمقراطي الأردني “حشد”
مقاومة خطط التهجير والإحلال بصفتها أيديولوجية عنصرية صهيونية
لم تتوقف نضالات الشعب الفلسطيني من اجل الدفاع عن حقوقه الوطنية المشروعة وعلى رأسها حق العودة وتقرير المصير، وقبلها حق الصمود والتمسك بالأرض ومقاومة الهجرة اليهودية إلى ارض فلسطين.
1- الثورات الفلسطينية الأولى التي اندلعت ضد الانتداب البريطاني (1921 – 1929 – 1936)، وضد سياسته في تسهيل هجرة واستقدام المجموعات اليهودية من بلدان العالم، قاومت بوعي وطني متقدم هجرة اليهود الى فلسطين المحتلة لأن الشعب الفلسطيني كان يدرك ونظراً لمجمل التطورات السياسية في ذلك الوقت أن الهجرة اليهودية تأتي في سياق استراتيجية استعمارية شاملة، اهم مرتكزاتها إحلال المجموعات اليهودية محل الشعب الفلسطيني والاستيلاء على ارضه بالقوة.
2- عندما تأسست منظمة التحرير الفلسطينية رسمياً عام 1964 اعتمدت في برنامجها السياسي والوطني: النضال من اجل عودة اللاجئين الفلسطينيين الى وطنهم وديارهم والدفاع عن حق العودة بصفته حق مشروع للشعب الفلسطيني. وقد انعكس ذلك في برامج جميع الفصائل الفلسطينية دون استثناء، ووجد ترجمته العملية في حالة التعبئة الوطنية الواسعة والتحاق اعداد كبيرة من اللاجئين بالمقاومة وقواتها المسلحة، بل والانخراط المباشر في العمليات العسكرية ضد الاحتلال سواء من داخل الأرض المحتلة او من بلدان اللجوء العربية تحديداً. من الملاحظ ايضاً ان فترة نهوض المقاومة المنظمة ضد الاحتلال قد استندت وتأسست على الشعار الرئيسي الذي وحد الشعب الفلسطيني بكل فئاته وفي جميع أماكن تواجده، حيث تم تكثيف هذا الشعار على النحو التالي: الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وهي حق العودة إلى الوطن وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على تراب الوطن وعاصمتها القدس.
لقد قدم الشعب الفلسطيني تضحيات هائلة في سبيل ترجمة هذا الشعار وفرضه على الاجندات العربية والدولية.
3- بعد اتفاق أوسلو 1993 الذي غدر بالانتفاضة الفلسطينية الأولى 1987 وتجاهل قضية حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى وطنهم، وعلى الرغم من حالة الإحباط السياسي التي شكلها هذا الاتفاق الاستسلامي، الا ان ظاهرة نشأت في صفوف التجمعات الفلسطينية خارج الوطن تحديداً في دول أوروبا وامريكا اللاتينية، وعدد من الدول العربية، حيث اعادت النخب الوطنية المستقلة وعدد من الفصائل الفلسطينية تنظيم نفسها بين التجمعات الفلسطينية في تلك البلدان على أساس تكريس حق العودة والدفاع عنه في مواجهة مباشرة او غير مباشرة مع نصوص اتفاق أوسلو. ولا زالت هذه الحركة تتعاظم وتعقد مؤتمراتها السنوية، وتشكل هياكلها واطرها وتنظم الأنشطة… والخ
4- لم يتوقف العدو الصهيوني عن استهداف تجمعات اللاجئين الفلسطينيين ومخيماتهم منذ النكبة الوطنية والقومية الأولى عام 1948، بل طاردتهم بالقوة العسكرية الغاشمة حتى في مناطق البؤس التي اقاموا فيها في الضفة الغربية وغزة ولبنان ( مذبحة صبرا وشاتيلا عام 1982) (معارك مخيم جنين ومخيمات نور شمس وطولكرم حاليا) (معركة مخيم البداوي في طرابلس وتفريغه من سكانه قبل عشر سنوات) ولا زالت المعارك قائمة حتى يومنا تحت عناوين مختلفة بما فيها الحرب على وكالة الغوث. وام المعارك على الشعب الفلسطيني في غزة حيث 70% منه لاجئين في المخيمات او الاحياء في القطاع.
5- ان حق العودة الى الوطن والديار هو حق وطني / قومي / انساني / وعلى جميع القوى السياسية سواء الفلسطينية او العربية ان تتعامل مع هذا الحق على مستويين:
أ- حق أساسي من الحقوق الوطنية الفلسطينية.
ب- وكونه يشكل قاعدة رئيسية في الرواية والملحمة الوطنية الفلسطينية.
التوزيع السكاني للفلسطينيين داخل وخارج الوطن
من الضروري طرح اللوحة الديموغرافية والسكانية الفلسطينية حسب إحصاء حديث جداً قامت به مؤسسة الإحصاء الفلسطيني في منتصف العام الحالي 2025م.
- إذ بلغ مجموع الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم 15.2 مليون وقد تضاعف عددهم 10 مرات بعد مرور 77 عاماً على النكبة الوطنية والقومية الكبرى عام 1948م، حيث كان عدد الفلسطينيين في ذلك الوقت (مليون و 4 آلاف).
- يشير التوزيع السكاني للشعب الفلسطيني الى ما يلي:
- الضفة الغربية: 3 ملايين + 4 آلاف
- غزة القطاع: قبل حرب الإبادة 2 مليون + الف
- فلسطين المحتلة عام 1948 / 2مليون
- اللاجئون خارج وطنهم في البلدان العربية وبلدان العالم
البلدان العربية: 6 مليون + 5 آلاف.
موزعين في بلاد العالم: حوالي 2 مليون.
هذا يعني ان نصف الشعب الفلسطيني يعيش لاجئاً خارج وطنه بعد النكبتين الوطنيتين الأولى 48 والثانية 67، والنصف الآخر تحت الاحتلال: حيث تشير الوقائع الى ان اكثر من نصفهم مهجر داخليا بسبب:
أ) تدمير القرى والبلدات الاصلية: سيطر الاحتلال على 774 قرية ومدينه فلسطينية عام 48 منها 531 تم تدميرها بالكامل.
ب) او بسبب حروب الإبادة التي اقترفتها العصابات الصهيونية ((70 مجزرة أدت الى استشهاد أكثر من 15 ألف فلسطيني، وذلك قبيل وخلال وبعيد عام 1948)).
التهجير: قاعدة رئيسية في الأيديولوجية الصهيونية
منذ بدء تشكل الحركة الصهيونية واستهدافها اقامة وطن لليهود في فلسطين رفعت قيادتهم شعار ((يجب طرد العرب من كافة الأراضي وتوطينهم وتوظيفهم خارج حدود “دولة اسرائيل”)) وعدم السماح لهم بالعودة من خلال رفع شعار: ((نريد فلسطين بدون عرب)) ومن القيادات الصهيونية التي أكدت على هذه العناوين على سبيل المثال (هرتزل، اسرائيل زانغويل ،وايزمان، اروتسون، جابوتنسكي).
وعند حدوث النكبة الفلسطينية 15/ايار/1948) اعتبرت “اسرائيل” ان مشكلة اللاجئين الفلسطينيين مشكلة عربية ومسؤولية ايوائهم وتوطينهم تقع على عاتق الدول العربية ، علماً أن العدو الصهيوني استمر بالمذابح وعمليات الطرد والتهجير بعد احتلاله ارض فلسطين عام 1948 لكي يهجر المزيد من السكان ويضم المزيد من الأراضي ومن هذه المذابح –مذبحة عرب العزازمة 9/1950 بقيادة شارون – مجزرة في العرقوب بحق عرب العتايقة – طرد جزء من سكان النقب – تهجير سكان المجدل الذين رفضوا النزوح على يد موشى ديان – مذبحة كفر قاسم 29/اكتوبر/ 1956.
هذه الممارسات دعمتها مواقف القيادة الصهيونية في جميع المراحل السياسية التالية: ففي عام 1937 قال ديفيد بن غوريون “مع الترحيل القسري ستكون لدينا مساحات شاسعة للاستيطان انا اريد الترحيل القسري ولست أرى فيه ما هو غير اخلاقي” وهذه المقولة تؤكد على أهمية طرد الفلسطينيين خارج اراضيهم لأهمية التوسع كحاجة للمشروع الصهيوني التوسعي.
يعكف مؤرخو العدو الصهيوني لتقديم روايات جديدة مدعومة من مؤسسات الكيان الصهيوني من أجل انكار الرواية الفلسطينية وطمسها وتكريس الرواية الصهيونية كحقيقة وحيدة استطاع الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة ان يعكس الآية وتصبح الرواية الفلسطينية الأكثر انتشاراً عالمياً وأصبحت الرواية الصهيونية تتراجع وتتعرى كنظام عنصري فاشي نازي أمام شعوب العالم وأنهم الدولة الأكثر وحشية ودموية وانهم دولة احتلال غاشم على حساب الشعب الفلسطيني صاحب الأرض ، وأصبحت الاصوات في العالم تطالب بالحرية والدولة والاستقلال وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والعودة الى دياره التي هجر منها من خلال عمليات الابادة والتطهير العرقي والتمييز العنصري.
الربط بين التهجير واحتلال الأرض بالقوة
لقد اعتمد المشروع الصهيوني سياسة الربط المحكم ما بين الاستيطان وسرقة الأرض وتهجير أصحابها، وتكريس معادلة تقول لا يمكن لأي عملية استيطانية أن تأخذ مداها الفعلي الا إذا رافقتها عمليات تهجير قسري واسعة على يد الجيش الاسرائيلي باعتباره الى جانب الاستيطان يشكل أحد أذرع (الدولة اليهودية).
ان واقع الاستيطان سياسة ممنهجة اعتمدت من قبل المؤسسات الرسمية الصهيونية لخلق وقائع مادية على الأرض لا يمكن تجاوز نتائجها في أي عملية تفاوضية مستقبلية ، اذ ارتفع عدد المستوطنين في الضفة الغربية من 4 آلاف مستوطن عام 1977 الى ما يزيد عن 800 الف مستوطن حالياً موزعين بين الضفة الغربية والقدس الشرقية ويقيم هذا العدد في حوالي 176 مستوطنة منتشرة في طول الضفة وعرضها اضافة الى 10 مستوطنات في القدس الشرقية وما يقارب 180 بؤرة استيطانية وقد صرح مجموعة من الوزراء الصهاينة بأن سياستهم تجاه الضفة الغربية ستعتمد على ما يلي:-
1- ضم القسم الأكبر من الأرض الى دولة “إسرائيل” خاصة المناطق(ج)
ومع بدء العدوان الاسرائيلي على القطاع، بدأ يتضح ان التهجير القسري والجماعي للسكان باتجاه سيناء المصرية هو احد اهداف “اسرائيل”، لكن ونظرا للمواقف العربية والدولية الرافضة لهذا المخطط، بدأت اللهجة الاسرائيلية تتغير، لكن دون أن يعني ذلك ان المشروع قد انتهى، بل ان كل تفصيل من تفاصيل العدوان يؤكد بأن مشروع التهجير الجماعي لا زال يتصدر اهتمامات الحكومة الاسرائيلية.
ورغم ان الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي والدول العربية أعلنوا رفضهم لمخططات التهجير القسري غير انها مجرد مواقف لا تقترن بخطوات عملية وإجراءات تهديديه ضد الاحتلال. لأن “اسرائيل” تواصل استراتيجيتها في التعاطي مع هذا المخطط والسعي لفرضه بقوة النار. ويبدو واضحا ان هناك ما يشبه توزيع الادوار بين “اسرائيل” والولايات المتحدة، اذ لا يمكن التوفيق بين رفض مشاريع التهجير القسري والجماعي للسكان وبين التغطية التي توفرها الدول الغربية لإسرائيل لمواصلة عدوانها تحت شعارات مضللة عنوانها “الدفاع عن النفس”. لأن الجميع بات يعلم ان اسرائيل تمارس بشكل واقعي سياسة التهجير الجماعي من شمال قطاع غزة باتجاه وسط القطاع وجنوبه كمرحلة اولى ومن ثم التهجير باتجاه مصر وربما أبعد من ذلك في مرحلة ثانية.
من الناحية العملية، فان الولايات المتحدة الامريكية لا ترفض تهجير الفلسطينيين خارج قطاع غزة، ومواقفها وسياستها اليومية تؤكد انها تتبنى هذا المخطط. وبعيدا عن مواقف البعض من اعضاء الكونغرس الذين يدعون صراحة الى تهجير اللاجئين من غزة باتجاه دول عدة، فقد تسربت وثيقة مرسلة مؤخرا من الادارة الامريكية الى الكونغرس تطلب فيها فتح اعتمادات بقيمة 106 مليارا دولار، منها نحو 4 مليارات مخصصة “لدعم اللاجئين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وكذلك للتعامل مع الاحتياجات المحتملة لأهل غزة الذين سينقلون الى بلدان مجاورة، في ظل حرب الابادة الجماعية والتطهير العرقي ، فالأزمة في غزة قد تؤدي الى تهجير عابر للحدود واحتياجات انسانية متصاعدة في الاقليم والتمويل المطلوب يمكن ان يستخدم للتعامل مع الاحتياجات خارج غزة، وفقا للرسالة الصادرة عن ادارة مكتب الادارة والميزانية في البيت الابيض.
2- تدمير المخيمات الفلسطينية وتهجير سكانها داخلياً ومن ثم التهجير لهم.
3-التهجير العلني لسكان الضفة الغربية باتجاه الاردن او دول أخرى.
4- نقل السكان بشكل قسري واجبارهم على ترك منازلهم اما بقرارات ادارية او حالات عقابية للسكان او لاعتبارات عسكرية.
5- هدم المنازل بحجج مختلفة عدم الترخيص او مشاركة ابناء اصحاب المنازل في المقاومة وتدمير مربعات سكنية كاملة لكي لا يتمكن السكان من العودة الى منازلهم، وسياسة هدم المنازل والمنشآت الصناعية وحرق المحاصيل والاستيلاء على الاراضي بشق الطرق وهذه الاساليب اصبحت سياسة يومية تمارس على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس الى جانب السيطرة على بعض الأراضي من خلال المستوطنين المزودون بالأسلحة والذي يتوفر له الحماية من قبل الجيش الاسرائيلي ومؤخراً قام الوزير ايتمار بن غفير بتوزيع عشرات الآلاف من الاسلحة للمستوطنين.
الهجرة المعاكسة لليهود والمستوطنين
تشير الصحف الإسرائيلية بقلق بالغ الى ان عدد المهاجرين من دولة الاحتلال الى دول أوروبية والولايات المتحدة منذ حرب أكتوبر 2023 قد بلغ مليون نسمة، نصفهم بلا عودة!!!
وعودة الى مراحل سابقة في الثورات الفلسطينية ونتائجها على عدم استقرار اليهود والمستوطنين في فلسطين المحتلة، فقد اشارت الاحصائيات إلى ما يلي:
خروج 14 الف مستوطن بعد الانتفاضة الأولى عام 1987
خروج 27 الف مستوطن بعد الانتفاضة الثانية عام 2000
ومنذ تأسيس الكيان الصهيوني 1948 وحتى عام 2020 وتفاقم الصراع الفلسطيني والعربي والإقليمي مع المشروع الصهيوني، فإن المرجح ان تتضاعف اعداد اليهود في الهجرة المعاكس ة، ويعود الفضل الأساسي في هذه الظاهرة للمقاومة والصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني.
21 / 6 / 2025

